مقال بعنوان: »النوبة هزمت المحافظ هههههههههههه

قرأت مقالا في »أخبار اليوم« من الأجحاف وعدم الكياسة ان يمر دون تصحيح. المقال بعنوان: »النوبة هزمت المحافظ« وقد اختلقت كاتبته من الوهم معركة بين النوبيين المطالبين بحقوقهم والمحافظ الذي يقف حائلاً دونها - وانتهت المعركة بانتصار النوبيين. المحافظ المقصود هو محافظ أسوان اللواء سمير يوسف الذي يعد من أخلص محافظي الجمهورية والوحيد في تاريخ أسوان الذي سهر ولايزال ساهرا علي أمورها بعد أن عانت من الإهمال عقوداً طويلة.
أقول هذا باعتباري من أبناء أسوان، أتردد عليها بين الحين والآخر لأجد في كل مرة تغييرا الي الأفضل. المقال ينعي علي محافظ أسوان تخصيصه منازل للوافدين من شمال الوادي في قرية »بشاير الخير«، إذ ما كان له ليخصصها إلا للنوبيين فقط. ما فعله المحافظ - حسبما ذكر في المقال - أمر يحسب له، لا عليه، ويثبت أنه رجل ذو رؤية صائبة وبعد سياسي قويم، فقد أراد بما فعله أن يحقق اندماجا بين أهل الشمال والجنوب، وبالأخص مع النوبيين، فهذا الاندماج أمر ضروري للأمن القومي. فالعزلة التي يفضلها النوبيون ويفرضونها ليست في صالح البلد، لأنها قد تتخذ تكأة لدي مثيري الفتن لاعتبار النوبيين طائفة مهمشة مهضومة الحق. لقد عايشت النوبيين في أسوان زمنا غير قصير، ولاحظت أنهم يتجمعون في ناحية من البلدة يطلق عليها »منشية النوبة«، لا يختلطون بأحد إلا في حدود ضيقة، يتزاوجون فيما بينهم ويؤازر بعضهم بعضا ولديهم حساسية مفرطة للشعور بالاضطهاد تجاه أمور كثيرا ما يتعرض لها غيرهم دون تبرم. لا ننكر أن النوبيين هجروا غير مرة أثناء بناء خزان أسوان وتعليته ثم أثناء بناء السد العالي إلي الشمال قليلاً، ولكن تهجيرهم كان مخططا، خصصت لهم أراض ومنازل صممت علي حسب أهوائهم مع الاحتفاظ بأسماء القري التي هجروا منها وبنفس الجيران. ولكن ليس النوبيون وحدهم هم الذين قدموا تضحيات من أجل الوطن، فالمئات من العمال ضحوا بحياتهم في عمليات الحفر والتفجير التي صاحبت بناء السد. وهناك في شمال الوادي إبان نكسة 1967 هاجرت مئات الأسر من الإسماعيلية والسويس وتفرقوا علي غير هدي في أنحاء البلاد بحثا عن مأوي، ومنهم من عادوا بعد نصر أكتوبر 1973 ومنهم من لم يعودوا واستقروا حيث هاجروا، ومع ذلك لم نسمع لهم ضجيجا. هذا فضلا عمن ضحوا بأرواحهم إبان العدوان الثلاثي عام 1956، وعمن أصيبوا في الزلزال الذي حل بالبلاد منذ سنوات. لسنا نستكثر علي النوبيين مطالبهم بالأولوية في التوطين وتوزيع الأرض، ولكن هذه المطالب خارج دائرة اختصاص المحافظ وحتي العبارة التي فاه بها المحافظ في مواجهة النوبيين - حسبما جاء في المقال »اذهبوا وابحثوا عن أرضكم في بحيرة السد« - إن لم تكن طرفة من الطرائف، فهي حقيقة تنطوي علي دعوة إلي مطالبة من يملك الإجابة. فقرار بناء السد العالي لم يكن قرار محافظ، فالسد ليس مشروعا محليا، وإنما مشروع أمة، وبناءً عليه فإن قرار التعويض والتخصيص والأولوية للمتضررين هو بيد من أصدر قرار بناء السد العالي، أي قرار رئيس الدولة بصفته . دليل ذلك أن المطالبة قائمة منذ بناء السد حتي الآن- وهي فترة طويلة توالي خلالها علي أسوان عدة محافظين ولم يقدم أحد منهم أي حل جذري للمشكلة، وبالفعل أصدر الرئيس مبارك مؤخراً تعليمات بإعطاء أهالي النوبة الأولوية عند توزيع الأراضي المستصلحة في توشكي وعلي ضفاف بحيرة السد وذلك لقطع الطريق علي المتربصين بأمن البلاد. التعليمات كما نري تغلب عليها المسحة السياسية قبل الاجتماعية، ولم تكن لتصدر إلا من رئيس البلاد وليس من محافظ إقليم. يبقي التأكيد علي ان توطين وافدين من الشمال في مناطق الجنوب أمر بالغ الأهمية، تعدل أهميته أهمية توطين أهل الوادي في سيناء. النوبيون منا ونحن منهم، الكل سواسية، ولا فضل لأحد علي أحد، وعليهم ان يزيلوا جدار العزلة وأن يندمجوا مع غيرهم، وأن يترفقوا في مطالبهم حتي لا يبدو الإذعان لها نوعا من التدليل لهم. وكأنهم دائنون وليسوا مدينين لمصر. وعليهم أن يعلموا أن هناك من يستثمرون موضوع »النوبة« لهدف لا يخفي علي أحد، وقد قرأ بعضنا نبأ بثته »العربية - نت« عن وجود تنظيم يهدف الي الحصول علي حقوق النوبيين ولو بالقوة. ويدعم مصداقية هذا النبأ الاهتمام الأمريكي المريب، بموضوع النوبة وكأن أمريكا أحرص علي مصالحهم من الدولة المصرية »فانتبهوا معنا أيها النوبيون«.

(جريدة الوفد)

من منتدى السلطناب قمت بنسخ الموضوع
للاخ/فتحى النوبى
منقول